لا تستخفوا بفكرة السجن

wasla14-3ليلة القبض علي كان خالد عيان بأول دور برد جد يجيله و مش عارف ينام، اخدته في حضني و قعدت يجي ساعة بهدهده لحد ما رحنا احنا الاثنين في النوم. لحسن الحظ صحيت و خرجت من اوضته قبل ما يقتحموا البيت و يضربوني و يضربوا منال.

لما كتفوني و غموا عني كان كل اللي في بالي هل دخلوا على خالد؟ فزعوه؟ حصله حاجة، ثاني يوم عرفت من منال انه محسش بيهم اصلا و فضلت الساعة اللي قضاها في حضني بيتعلم يستحمل وجع المرض اكثر حاجة حاضرة في ذهني لمدة اربع شهور.

امبارح خالد حرارته ارتفعت الفجر و مكانش عارف يرجع للنوم و بيتوجع، قررنا اني ادخل انيمه و اكمل الليلة في اوضته، و قعد في حضني ساعة برضه على ما رحنا احنا الاثنين في النوم.

على الصبح كان فيه دوشة شديدة في الشارع و باب العمارة اترزع و ناس طالعة و نازلة على السلم، الحقيقة ان الدوشة في شارعنا حاجة عادية و مش مستغربة لكن صحيت مفزوع و بقيت على قناعة تامة انهم جايين يقبضوا علي ثاني بس من فرط التعب مش عارف اقوم من السرير، و عمال اعرق.

قعدت كده دقائق، فايق مش بحلم بس عقلي مصورلي كوابيس و مشلول من الارهاق و الفزع. بالراحة قعدت افكر و اقنع نفسي ان دي هلاوس و ان عدى وقت كثير لو كانوا جايين كان زمانهم كسروا الباب و دخلوا من زمان، و ان مش منطقي اصلا ما هم كده كده هيحبسوني بحكم قريب. و رجعت للنوم ثاني.

و برضه بعدها بشوية صحيت مفزوع، و اتكرر الامر يجي ثلاث مرات، لحد ما قعدت اركز مع الأصوات و اتعرف عليها بجد و اوصل لتفسيرات منطقية للدوشة (اللي هي زي ما قلت معتادة)، و بعد ما اطمأنيت تماما ان مفيش خطر، و ان عقلي برضه بخير و قادر يغلب الفزع، و ان خالد حرارته نزلت و نايم بأمان، قررت اسيب اوضته لأن واضح ان تكرار مشهد النوم في حضنه مش مساعد.

من يوم ما طلعت و أنا بتعامل مع ناس بتستخف بفكرة السجن، دولجية و سيسجية و شغالين نكت عن ازاي انكسرت في السجن و اتعمل في ايه و هيتعمل في ايه، و طبعا ده متوقع، مفيش حد ينفع يمجد الدولة المصرية من غير ما يبقى مضطر انه يمجد التعذيب و يعتبر الاغتصاب موضوع للتندر و كده. و كمان من يوم ما طلعت اخوان شغالين اما تهوين في اللي مريت بيه او تريقة على قد ايه انا خفيف و مستحملتش، ده بقى مش مفهوم ولا متوقع بما ان كل تفاصيل اللي مريت بيه شاركني فيها معتقلين اخوان، حلوها و مرها، و فيه اللي دخل بعدي و خرج قبلي و في اللي اتعامل احسن مني و اللي اتأثر اكثر مني (بحكم كثرة عدد المعتقلين الأخوان يعني فيه كل حاجة) مع ذلك هم شايفين ده مادة للسخرية برضه. و فيه الرفاق اللي بتسأل بعض اذا كنت انكسرت عشان يعرفوا اذا المفروض يترمي طوبتي كحاجة غير صالحة للاستعمال الثوري خلاص و لا لسه في مني منفعة، و فيه الأصدقاء اللي بتقولي اياك تنكسر و مينفعش تنكسر و الكلام ده بحسن نية شديدة و خانقة. و فيه الأصدقاء اللي بتدي نصائح طول الوقت عن اعمل ايه من غير ما يبقى عندهم ادني فكرة عن انا أصلا عامل ايه.

وأنا بحاول افهمكم في وسط ده كله احساس انك تبقى ممدد مشلول غرقان في عرقك جنب ابنك اللي عمره سنتين عشان الجيران عملوا دوشة فكرتك بلحظة عدى عليها اربع شهور. و تقوم بعدها بكام ساعة تكمل حياتك عادي بتفاصيلها المنزلية، و الاجتماعية، و العائلية، و المهنية، و النضالية و كل كلمة و كل نظرة تبقى بتسأل نفسك يا ترى هم شايفين الخوف؟ شامين ريحة العرق؟ بيحكموا علي؟ مستنيين مني حاجة فوق طاقتي؟

كتب المدون والناشط علاء عبدالفتاح هذه التدوينة على صفحته بموقع فيس بوك في 13 أبريل مبدياً غضبه واستياءه من الاستهانة التي يتعامل بها كثيرون ينتمون لاتجاهات مختلفة مع فكرة السجن، متحدثاً عن آلامه الشخصية من واقع تجربته.

للإطلاع على النص الأصلي:

https://www.facebook.com/alaaosh/posts/10154003951950291?stream_ref=1

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *