أنا مندسة وعميلة وجاسوسة وتحركني الأياد الخارجية…لكنني صديقتك

“إذا كان الانحياز للإنسانية خطأ صحفي.. أنا الخطاءة” بهذا الجملة تقدم المدونة السوريا زينة مدونته، والتى تتميز بانحيازها للإنسانية ولحق الإنسان في حياة كريمة يتمتع فيها بكامل حقوقه”.

في التدوينة التالية تتعرض زينة لموجة التخوين التى تجتاح المجتمع السوري حيث أصبح الانحياز للحق أو الدفاع عن الحرية عمل جاسوسي لا تستحق على أثره عقاب السلطة فقط، بل وحتى المقاطعة على المستوى الاجتماعى

mzaina-erhai

http://zaina-erhaim.com/

أنا مندسة وعميلة وجاسوسة وتحركني الأياد الخارجية…لكنني صديقتك

أعترف بأنني مندّسة في قضايا وطني وأهلي وكل مايعنينا ويؤثر على حياتنا…وعميلة للحرية والإنسانية والحقوق والعدالة …كما أنني جاسوسة أعمل لصالح السوريين النبلاء الذين دخلوا السجون لرأي قالوه أو مقال كتبوه …أو لأنهم وقفوا أمام وزارة ليدعموا الوطنيين الأحرار في المعتقلات فضُمّوا إليهم بتهمة “النيل من هيبة الأمة” و”إضعاف الشعور القومي”..وهل تنزعج الأمة عندما يصرخ أبناؤها “سلمية” ولا تتأثر عندما يضرب آخرون الرصاص ويطلقون العنان لزماميرهم للاحتفال “بالنصر المؤّزر” في قلبها بينما تنزف أطرافها أرواحاً برئية وثكالى و أيتام!…والشعور القومي الثوري المنادي بالحرية من تونس إلى اليمن سيضعف إذا انضم لهتافه الموحّد “الشعب يريد الحياة” شباباً جدد!

أعترف بأنني غاضبة وانفعالية وحتى عدائية هذه الأيام من بعض الأصدقاء الذين يسفزّونني عن قصد أو غير قصد بتعليقات وهتافات وصور وأفكار..ليس لأنني لا أقبل الرأي الآخر.. أو غير “ديموقراطية كما أدّعي”..كما برر البعض …لكن أي حوار يحتاج إلى أساس أساسيّ وهو قدرة المتحاورين على الكلام أولاً واستمرار قدرتهم على الكلام بعد انتهاء الحوار ثانياً…

لا حوار بين أخرس و”عيّاط” إلا إذا قرر الأخير تعلّم لغة الإشارة أو سُمح للأخرس أخيراً أن يحاول تمرين صوته من جديد على الكلام وتذّكر فعل التصويت….وضمان حياة وصوت الأخرس وعدم سجنه بتهمة إضعاف سمع “العيّاطين” بعد أن يتكلم هو شرط أيضاً للحوار!

وأغلب من يستفزّونني وأبدي عدائيتي لهم هم من يقفون مع “العيّاطين” المالكين لأحدث المايكروفات وأجهزة تكبير الصوت مع كل المنصّات في إغلاقهم لفتحة البير الذي ننادي من أسفله …حريّة!

لا نريد أن نلغي “العيّاطين” ولا صوتهم العالي…كل هذه الدماء لكي يكون لنا صوت! لكي نخرج من البئر الذي صدّقنا بأن ليس له قرار…لكننا أخيرا طالعنا قراره…وننفضّ عنا العتم والتهميش لنصعد إلى السطح ومنه إلى المنصّة…لنقف بجوار “العيّاطين” ونتحاور…وقتها فقط إذا رفضنا أن نسمع يحق لكم أن تصفوننا أو تصفوني أنا بالمستبّدة بالرأي..ولا أتمتع بالملكات التي عند “العيّاطين” وعندكم الآن من “تقبل الرأي الآخر”..

أعترف بأني خسرت العديد من الأصدقاء وقيّمت على “أسسي” العديد..فاقترب البعيدون من قلبي كثيرا وأصبحوا شركائي في الحلم والأمل وابتعد العديد من المقرّبين لمجرد أصدقاء افتراضيين مع وقف التنفيذ (hide all)…وفي بعض الأحيان..أصدقاء على الأرض لشرب القهوة والحديث عن الطقس فقط..

وأعترف أنه من الخطأ أن أخسر العلاقات الإنسانية التي جمعتني بكم بالحياة وأن أنسى اللحظات والأيام التي قضيتها معكم وكل تلك الأشياء التافهة والثمينة التي قمنا بها سويّاً…لكني ومن جهة أخرى لم ألُلبس أحداً منكم تهمّ بعضكم الجاهزة لي “بالعمالة” أو “الإندساس” أو “التنظير من الخارج على أساس أن يدي بالماء”.

وللأخير أقول الممنوع من السفر في بلده هو تحت إقامة جبرية في منزله أما الذي يركل خارج المنزل هو متشّرد والعالم ليس زهرياً مشرقاً فاتحاً يديه لكل مطرود شريد فهو آكلها على الجنبين!

منكم من وصف أصدقائي النبلاء الأبطال الذين نزلوا لدعم سجناء الرأي أمام وزارة الداخلية بأنهم يقبضون مالاً من “جهات أجنبية خارجية” وعملاء “لأياد خارجية” وعندما يتعلق الأمر بأولئك الأصدقاء (من اعرف منهم ومن أجهل) أنا لست موضوعية ولا حيادية وسأكون عدائية عندما يتهّمهم أي أحد أمامي.

ومنكم من هلّل ورقص فرباً “للنصر” -والله لهلأ مافهمت على شو النصر بالضبط- بس المهم بينما يداري المحظوظ من أهلي في درعا جثث أولادهم في المسجد العمري خوفاً من خطفها…أما غير المحظوظين فلم يجدوا جثامين أهلهم حتى الآن!..

والأكثر ألماً وما حفر في صدري أخاديد عميقة لن تذهب هم من قالوا “بيستحقوا.. كيف بعارضوا!”..ولهؤلاء أقول ..أولاً مطالبهم كانت واضحة وهي حرية وإذا كان طلب الحرية معارضة فهم يعترفون أنهم محكومون بالقمع! أما إذا كانوا متأكدين من أن الحرية هي الحاكمة إذا فأولئك المتظاهرين يهتفون للحاكم!…وثانياً إيمانكم وتبريركم لقتل أبرياء عزّل ينادون على من يضربهم بالرصاص الحيّ “سلمية” و”نحنا أخوة”..لا يقبله لا شرع ولا قانون إنساني أو فضائي وبالتأكيد لست نادمة على حذفكم من قائمة أصدقائي ومن حياتي ….من يبرر زهق أي روح بأي “ذريعة” يستطيع تبريرها لمن يقتل لأجل سرقة المال أو الابتزاز أو تسلية الجمهور. هو شريك في جريمة وأد أهله بجريمة الخوف من الآخر!….وسرقة صوتهم وسلب حقّهم الدستوري بالتظاهر السلمي والمطالبة بمايريدونه، وحرمانهم من أداء واجبهم الوطني بطلب الإصلاحات ومتابعة التغيرات!..

اعترف بأن “حرفي واقف” ولست متسامحه أبدا عندما تدافع عن “مجموعة دنيئة” تطالب بإعدام طفلة وسجن الجائعة حتى الحريّة بتهمة امتلاكها لصوت واستخدامه بغير “ماخُصصّ له”….لتحدثني بعدها عن “حرية الرأي!” خالطاً بين جرم التحريض على القتل والإساءة وبين الحق في إبداء الرأي!.

وأعترف “آسفة” بإني ومع القلّة الباقية من عقلي لا أستطيع الاقتناع بما تقوله عن المؤامراة الخارجية الداخلية المزدوجة التي تحرّض عليها رسائل نصّية من إسرائيل ويقوم بها فلسطينيون من مخيم اليرموك بدعم إخوان مسلمين مع ثلّة من الإمبريالية الأمريكية وبعابيع السلطة السابقين الذي اجتمعوا بقدرة قادر ووساطة كائنات فضائية لاستيراد السلاح من المكسيك وضرب صمودنا وتصدّينا للمؤامرات الخارجية.

وهل تصديق كل هذه المؤامرات والمغامرات البوليسية أقرب لفهمك وأكثر تصديقاً من أن أهلك وناسك يريدون حياةً أفضل ونزلوا إلى الشارع ليطالبوا بها؟!

ويا أيها الصديق الذي كنت تضحك على القنوات الرسمية التونسية والمصرية والليبية…اضحك عليّ وتحمّل بلاهتي عندما أدهش من تغيير مواقفك من الأشياء المبثوثة نفسها عندما تتغير فقط اللجهة التي تنطق بها!

واحترم رجاء ذكائي القليل ودراستي المتواضعة في مجال الإعلام عندما توجه اتهاماتك الجاهزة أيضا للإعلاميين والقنوات!..من حديث مع أحد الأصدقاء اكتشف أن “البي بي سي” -الأكثر موضوعية بالعالم بحسب الدراسات الإعلامية- عميلة والعربية عبرية والجزيرة إسرائيلية والمشرق عميلة لإسرائيل…!…عفوا يا صديقي هل تريد أن نشاهد الفضائية والدنيا وبريد الأطفال وآخر المشوار وحكايا علي بابا والعشرين مليون حرامي الموضوعي الحيادي المتماسك والمحكم الصياغة والخيال مثلا؟!

لا خطّ أحمر إلاّ سوريّتنا وحياة من فيها ومن يحاول إثارة الفتن والطائفية، ومعادلة الصمت والرضا أمام الأمن والأمان انتهت صلاحيتها…اليوم للحقوق ولمعاقبة قاتلي أهلنا في حوران واللاذقية وحمص والكسوة ودوما…اليوم لتبييض السجون وتسوييد وجوه المفسدين…للتغيير وإنهاء الطورائ (وأشباهه وملحقاته وأحكامه السارية)..اليوم للكفّ عن الاعتقالات التعسّفية غير القانونية وغير الشرعية….اليوم لا للسرقات والرشاوى نعم كبيرة لاستقلال القضاء والنقابات ولانتخبات حرّة نزيهة لمن يمثّلنا في مجلس الشعب…اليوم لهارموني الأصوات المختلفة ولللوحة التشكيلية الملوّنة لاختلافاتنا…بلا بلطجية وخوف سنعيش بأمان…بلا تهديد ووعيد سنستقّر…نستحق الحياة وأثبت أهلنا في درعا أننا نريدها ….

وأنا كما كنت دائماً وسأبقى …صديقتك….

ملاحظة خارج السياق: بالحديث عن القمع واللون الواحد والبلطجية ونشاز الصوت الواحد.. إدلب إنت طالق طالق طالق….اليوم فقط نقلت خانتي إلى الجنوب …

لقراءة التدوينة والتعليق عليها برجاء زيارة الرابط التالى: http://zaina-erhaim.com/

واحد تعليق على “أنا مندسة وعميلة وجاسوسة وتحركني الأياد الخارجية…لكنني صديقتك

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *