امتلأ الرحيل بالماء، عام على مغادرة الشام

1

أنظر خارج النافذة فأرى جزء من أرخبيل استوكهولم، من على جزيرة سودرمالم يمكنني أن أميز بوضوح “قاعة المدينة” حيث تقام احتفالات توزيع جوائز نوبل، تسألني صحفية عن رأيي بمنح نوبل هذه السنة امتلأ الرحيل بالماء، عام على مغادرة الشاملمنظمة حظر انتشار الأسلحة النووية، لا أجيب، أشعر بالحقد وبالتواطؤ الدولي المستمر على سحق الوعد السوري بالربيع، لقد أعلنوا امتداد عمر المعركة لما يعادل 150 ألف قتيل آخر، سنصل حدود 300 ألف. زمنياً، ما هي المدة بتقديرك؟ تسألني الفتاة، أرفع يدي لأضربها!

 2

في استوكهولم يصيبني دوماً شكل من الأرق الخفيف، لا نائم ولا مستيقظ، بين البينين بشيء من التأرجح، وكي أنام بدأت بحيلة جديدة، أخرج من المنزل وأركب سرفيس مزة أتوستراد، أنزل في ساحة الأشمر، أركب سرفيس شيخ محي الدين – شهبندر – أبو رمانة، أغمض عيناي بشدة وأستحضر الطريق بكل لفتاته وزواياه، أفقد صورة المسافة الممتدة بين ثانوية الكواكبي، مدرستي، وكورنيش الميدان. في مظاهرة هناك تعثرت وسقطت على وجهي، داستني الأقدام المسرعة إلا كف ضخمة حملتني مسافة 20 متراً وألقتني بمدخل بناء معزول، أستيقظ أحياناً مستشعرا تلك اليد تحت إبطي، لم أرى الوجه ولكني شعرت برائحة العرق النافذة، أنفاسه المتصاعدة بحدة، وكأن أمي تلدني من كفها، برودة البلاط الصيفية، وجهي ينز دماً ووجنتاي تؤلماني، أفكر بصاحب اليد الكبيرة؛ أين هو الآن يا ترى؟ ربما مات؟ كيف مات؟ هل تألم عندما مات؟ أم سافر بعيدا وطلب اللجوء بعد أن مزق جواز سفره؟

لم أستطع أن أمزق جواز سفري، لم أرى حاجة في أن أعذب الهوية، أكثر مما هي معذبة

من أنا؟

 3

الخذلان أيضاً يشكل الهوية

للمرة الأولى في حياتي أتمنى لو ولدت فقط فلسطينياً في فلسطين، يهتم بالشؤون الفلسطينية، ويحارب ضد اسرائيل فقط.

 4

يكتب محمد العبدالله من الغوطة المحاصرة منذ 9 أشهر:

“للاسف لما انسرق بيتنا مبارح كانت السرقات هي أكل وألبسه وبعض المصابيح .. ما بزعل ع سرقه البيت للمره التانيه، يلي بيبكي انو صار سرقة الاكل هي محاوله للحياه .. يالله مالنا غيرك يالله”

ماذا يفعل الله في الأعلى؟

 5

في ذاك الصباح التشريني، عندما غادرت دمشق في 28 أكتوبر 2012، لم أفكر أبداً بالغد، جل ما أردته أن أنام بأجفان آمنة، بيروت أعطتني كل ما أريد إلا الأمان.

 6

كل من هنا يتوقع من العرب الوافدين إلى بلاد الشمال أن يصبحوا (شوفيرية باصات)، إلا أصدقائي في دمشق: يتوقعون بورصة وسيجار ونسوة شقراوات.

7

في المساء، قبل النوم، أذهب دوماً إلى بيتنا في المخيم، (غوغل إيرث) يظهر أسطوحنا بدقة، خزان الماء الأحمر، الطاقة الشمسية، قن الحمام.

(غوغل إيرث) أسقط دبوساً فوق منزلنا، وأعفاني من مهمة البحث عن نفس النتيجة كل مساء.

نشر المدون السوري سام هذه التدوينة على مدونته “جدار عازل” في 28 أكتوبر متحدثاً عن تجربته في اللجوء إلى السويد هرباً من الحرب في سوريا.

للإطلاع على النص الأصلي وتعليقات القراء:

http://jidar3azel.wordpress.com/?p=611&preview=true

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *