وطنى بين الرصاص والفرح

مخلفات الأنظمة الدكتاتورية الجهل الفوضى، التخبط السياسى الذى نعيشه ومانتج عنه من انقسامات، انتشار السلاح فى ايدى المليشيات سبب فى سفك الدماء التى تسيل فى كل ليبيا، أصبح خبر الأنفجار وطنى بين الرصاص والفرحوالأغتيال والأشتباك المسلح خبرا نتدوله ونحن نحتسى فنجان القهوة، ونتابع ماتبقى من حلقات لبرنامج تلفزيونى، أو مسلسل تركى ولقاء البطل بالبطلة فى مشهد تسوده الرومانسية.

نتابع بسرعة ونحن نلتقط عربة المشتريات فى محلات السوبر ماركت، لنملأها بحاجياتنا اليومية من مأكولات ومشروبات وكروت شحن لهواتفنا.

نتابع ونحن نلتقى بأصدقائنا فى المطاعم، نحتفل معهم بأعياد ميلادهم، أو اقتناءهم لسيارة جديدة، أو حصولهم على شهادات التخرج.

نتابع ونثرثر ونحن نجلس فى المزين، نتجمل لحضور مناسبة فرح أوخطوبة فى احدى القاعات، تغرد فيه الفرقة أجمل أغنيها الشعبية، والقاعة برمتها تتمايل على انغامها وسط عرض لأجمل الفساتين ونقوش الحناء وما لذ وطاب من اصناف المؤكلات.

نتابع وذلك العريس يستعد مع أصحابه فى توديع أخر يوم فى العزوبية، بحفلة يملأها الحماس على أنغام الغيطة والموال، حتى طلوع شمس يوم جديد.

نتابع ونحن نستعد للسفر لقضاء عطلة فى مكان ما، ونتابع ونحن نتحصل على ترقيتنا، ونقبض رواتبنا، ومكافآتنا، وننتقل لبيت جديد وعمل جديد.

ننام ليلا على أصوات الرصاص، ونستيقظ صباحا ننتظر الخبز الساخن، فيما يستعد الطلبة للذهاب الى مدارسهم وجامعاتهم بكل نشاط.

نتابع وقلوبنا تخفق بالحب ننتظر بلهفة وشوق مكالمات ولقاء الحبيب، ونستقبل مولودا توهب له الحياة يضاف الى السجلات، فى حين يكون هناك من قبض البارى روحه وورى جثته الثري لتنام هناك بسلام ..

وأى سلام الموت واحد ولكن الطريقة هى التى اصبحت مفجعة لنا نسمع عنها ونخاف ان تصيبنا تلك الرصاصة اوبقايا الشظية، الاعتياد اصبح متداولا والفراق والوداع يدخل ضمن قائمة تلف عقارب الساعات بالوشاح الأسود لفترة، ريثما تشتهى نفوسنا بعضا من الفرح المكتسى بالحزن لدى الكثيرين، بدليل على أننا نمارس طقوس الحياة برمتها، وننسى وسط تلك العثرات أننا نمر بأزمة كبيرة تكاد تفقدنا وطنا نحن ساكنيه.

ضجيج أفكارى وعقلى الباطنى ولسان حالى يهتف بصوت عالي: هذا هو بصيص النور فى ذلك النفق الطويل المظلم لن نصل بدون خسائر، ربما لو امتدت الأيادى لتتوحد وتساعد وتنهض، لكانت الخسائر أقل، والعثرات لاتوجع القلوب.

 

نشرت المدونة الليبية أحلام البدري هذه التدوينة على مدونتها “أحلام البدر” في 27 نوفمبر، متحدثة عن الأوضاع في ليبيا بعد الثورة، التي يواصل فيها الناس حياتهم على خلفية الرصاص والقتل المستمر.

للإطلاع على النص الأصلي وتعليقات القراء:

http://bit.ly/1csFOd3

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *