مشكلة مفهوم الحرب على الإرهاب فى مصر ليس فى تعريف ما يحدث اذا كان ارهاب ام لا .. المشكلة هو السياق الذى تحدث فيه وطبيعة اطرافه .
فى الثمانينيات ولاحقا التسعينيات كان وصف الارهاب مرتبط بالجماعة الاسلامية والجهاد .. الوصف ليس سببه انهم جماعات سياسية مارست افعال ارهابية او انها تنظيمات لها ” قكر متطرف ” هذا سياسيا لم يكن السبب الحاسم فى اكتساب تلك الصفة .. السبب الرئيسى كان ان حضورهم واسهامهم السياسى الرئيسى ارتبط بشكل مباشر بالارهاب .. فأنت تعرف الجماعة الإسلامية / الجهاد من خلال استهداف المسيحيين المسلح ومملكاتهم فى الصعيد ” وكانت ممارسات لها قدر من الشعبية بالمناسبة ” وتعرفهم من خلال تخطيطهم ونجاحهم فى اغتيال انور السادات . بالتالى وسم الجماعة الاسلامية والجهاد بالإرهاب كان لصيقا بهم منذ ظهورهم .
لكن عشان الدولة ” ايام ما كانت اقوى بكتير .. ومحتكرة كل شيئ ” تنجح فى حربها ضد التنظيمين اللى واخدين علامة الارهاب عند الناس .. تتطلب الامر حرب مدتها 7 سنين .. تم خلالها اغتيال رئيس مجلس الشعب رفعت المحجوب ومحاولات اغتيال بعضها كان على وشك النجاح، لعاطف صدقى وصفوت الشريف و حسن الالفى ومحاولات اغتيال كبيرة لحسنى مبارك كانت ممكن تنجح، واكتر من انفجار فى القاهرة خلف عدد كبير من الضحايا منها ” قهوة وادى النيل فى التحرير .. جامع الخازنداره فى شبرا .. محطة القللى ” .. بالاضافة لحرب مفتوحة فى الصعيد مع شبه سيطرة للجماعة على بعض النقط والمناطق فى المنيا واسيوط لفترة .. ملوى مثلا كان فيها حظر تجول بالتلت والاربع سنين .. تطلب كمان الامر تغيير 4 وزراء داخليه .. . تتطلب الامر كمان اعتقالات وصلت لفوق العشرين الف واحد على مدى السنين دى واعدامات بالجملة ومحاكم عسكرية وكل ده تم تتويجه بمجزرة الدير البحرى فى الاقصر.
لكن على مستوى تانى الموضوع تتطلب برضه تحييد كامل للإخوان المسلمين لحد نص التسعينيات فكان الاخوان مسيطرين على النقابات والجامعات عادى وحضورهم فى المجال العام قوى .. بل فى كتير من المحطات كان فيه استخدام من الدولة للاخوان فى مواجهة الجماعة الاسلامية، أذكر انا شخصيا واقعة شفتها قصاد عينى وانا طفل فيها امن الدولة والاخوان جايين بمليشيات مسلحة ياخدوا جامع الرضوان فى مدينة نصر من الجماعة الاسلامية وكانت حرب شوارع مفتوحة بالاسلحة البيضا استمرت ساعه .. ناهيكم عن دور السلفيين والتبليغ والدعوة اللى كانوا فرع امنى للداخلية جوه الحركة الاسلامية .. كل ده كان بيتعمل للسيطرة على تنظيمين لا هم الأكبر ولا الأهم تأثيرا، ولا الأكثر شعبية جوه الحركة الاسلامية وكانوا فى عين الكتلة الاكبر من المجتمع ” تنظيمات ارهابية منذ النشأة ”
الكلام على اللحظة الحالية كان محتاج التذكير بالسياق بتاع التماننيات والتسعينيات .. لان حاليا وصف الارهاب مرتبط بجماعة كانت بتحكم بالفعل من سنة وبإنتخابات، وهى جماعة اكبر 30 مرة من الجماعة الاسلامية فى التمانينيات على مستوى التمويل والجذور والعدد والعلاقات الاقليمية والدولية .. ففرضا فرضا انك عايز تخوض حرب مفتوحة ضد الارهاب ” ده الخطاب المعلن ” فلازم يبقى الجميع فاهم الكلفة عاملة ازاى .. يعنى بنتكلم على فوق ال 200 الف معتقل و 500 او 600 اعدام مثلا وتحييد تام كامل لكل عناصر المجتمع الاخرى الاسلامية وغير الاسلامية، وييجى 10 سنين بالميت وميبقاش فيه حاجه تانيه بتعملها الا كده . طب هل ده ممكن فى ظل الدولة الحالية وامكانياتها وافقها ومستوى تنظيمها وشرعيتها .. الاجابة هى لا ؟
اذن لو فيه صفقة او محاولة للوصول لصفقة مع الاخوان الناس متستغربش .. الكلام بيتقال من عند المقربين من السيسى، وهو نفسه قال فى خطاب ترشحه بالزى العسكرى وفى خلفيته ” الجنينه ” اهلا بكل ابناء الوطن اذا لم يكن صدر ضدهم احكام قضائية وطالما نبذوا العنف .. والقضاء ميت المعنى والضمير عندنا بقى ممكن يعدم 500 فى ليلة وممكن يديهم كلهم براءة تانى يوم “عادى يعنى”.
ومتستغربش كمان من سقوف الصفقات المتدنى ” للطرفين ” ومتستغربش اكتر انها لن يترتب عليها توقف ” الارهاب ” او “الحرب على الارهاب ” لان الموضوع فلت بالفعل واكبر من قصة الاخوان .. واستمراره مش حيوقع الاخوان تماما بل ممكن يخليهم جماعة اصغر وتظل ايضا الاكبر بين الصغار جدا .. لكنه حيخلف حالة عنف اسلامية اعتقد انها لحد دلوقتى لسه بتدور على عنوان .. وشكرا لكل اللى خربوها.
محمد نعيم، كاتب وباحث حقوقي، كتب على موقع فيس بوك في رؤيته لمستقبل مفهوم الحرب على الإرهاب في ضوء تجربة مصر بالثمانينات والتسعينات، ويرى أن تكلفة سحق الإخوان لن تتحملها الدولة، والبديل هي صيغة مصالحة معهم.
للإطلاع على النص الأصلي:
https://www.facebook.com/mohamed.naeem.14811/posts/10154111218650481