ثانى يوم بعد تنحى الرئيس السابق محمد حسنى مبارك انتشرت في البلاد حمى التنظيف وطلاء الشوارع. لأيام متتالية غزا الشباب الشوارع يجمعون النفايات بينما عمال النظافة يتسولون المال من العابرين=.
حمى التنظيف ركزت بالأساس على ميدان التحرير والمناطق المجاورة له، وشهدت عمليات لإعادة طلاء الجدران والأرصفة التى شهدت أحداث ثورة 25 يناير. المؤسف أن عملية التنظيف التى قادها مجموعة من شباب عمرو خالد شملت إزالة كل علامات الثورة من على الشوارع، بما فيها اللوحات والجداريات وأعمال الجرافيتى التى شكلت في مجملها ما يمكن أن نسميه بالمتحف المفتوح للثورة.
أذكر جيداً كيف وقفت فتاتين وشاب أمام أحد الجدران يعملان بجهد على إزالة عمل جرافيتى كبير نسبياً عبارة عن أيقونة موقع “الفيسبوك” وحينما سألت الفتاة التى ترتدى قفازات طبية وهى تعيد طلاء الجدار بلون مختف عن لونه الأصلي لماذا تفعلين ذلك ردت ببساطة: لا نريد أى شيء يذكرنا بالماضى؟!
لكن حتى بعد انتهاء حمى التنظيف عاد “الجرافيتى” ليظهر على شوارع جدران القاهرة، وهذه المرة لم تستطيع حمى التنظيف من شباب عمرو خالد أن تقف أمامه. تحول جرافيتى ما بعد الثورة إلي أعمال تحفظ ذاكرة الثورة وتنبهنا أنها لم تنتهى بعد. سنشاهد في الميادين الرئيسية جرافيتى شهداء الثورة، ففي كل ميدان هنا بورتريه كبير لواحد من الشهداء. وعلى كورنيش النيل في الزمالك سيذكرنا جرافيتى آخر بأن الشعب لا يزال يريد محاكمة الرئيس.