1-الناس اللى في ميدان التحرير مش هما بتوع 25 يناير.
من الطبيعي أن يختلف من هو موجود في التحرير الآن عمن كان موجوداً يوم 25 يناير. ببساطة لأن يوم 25 يناير كان مظاهرة بالأساس ضد التعذيب وضد تجاوزات رجال الشرطة. كما أن معظم من شاركوا يوم 25 يناير استشهدوا أو أصبحوا أعضاء في ائتلاف شباب الثورة أو انشغلوا بقواعد لعبة سياسية تزداد تعقيداً وعبثاً يوم بعد يوم. ولدقة فالأهم من شباب 25 يناير، شباب 28 يناير. أما من هم في التحرير الآن فهم مواطنون مصريون أيضاً بعضهم لديه شكوك ويسعي للضغط أكثر من أجل تحقيق مطالب الثورة، والبعض الآن يقف ضد التعذيب وضد تجاوزات بعض رجال الجيش التى لم يتم حتي الآن الإعلان عن نتائج التحقيقات فيها التى وعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتنفيذها.
أى أنه رغم اختلاف ناس 25 يناير عن “الناس اللى في التحرير” الآن. فإن الاثنين حركتهما الكرامة والانحياز للحياة الإنسانية الكريمة دون التعذيب أو الإهانة. وهو الهدف الأول والأسمى لهذه الثورة، ولهذا لا يجوز أبداً تجريم أى متظاهر أو معتصم سلمى.
2-الجيش والشعب إيد واحدة.
ظهر هذا الشعار يوم 28 يناير والمرة الأولى التى سمعته فيها شخصيا كانت حوالى الساعة التاسعة مساء يوم الجمعة حينما بدأت دبابات الجيش ومدرعاته تحاول دخول ميدان التحرير من جهة ميدان عبد المنعم الرياض. قبلها بساعات كان من الممكن أن تسمع شعار آخر وهو “واحد.. اثنين.. الجيش المصري فين” بالنسبة لكثيرين كانت اعتداءات رجال الشرطة في ذلك اليوم واستخدمهم لمختلف أنواع الأسلحة فعل يعنى ببساطة إعلان الحرب، لذلك كان ندائهم على لجيش للتدخل لحمايتهم من رصاص رجال الشرطة.
في هذه اللحظة سقط جهاز الشرطة الذي تحول على مدار سنوات الأخيرة لجهاز حماية الرئيس ونظامه السياسي. ومعه سقط نظام مبارك كله. ولهذا فشرعية حكم الجيش الآن مستمدة من الشعب وهو ما يعنى أن الجيش والشعب ليسوا يد واحدة. بل للدقة الجيش والمؤسسة العسكرية مثله مثل جهاز الشرطة وكافة أجهزة الدولة. الجيش أيضاً في خدمة الشعب.
هذا أمر وحقيقة يجب أن يعيه كل فرد سواء كان مواطناً مصرياً أم فرداً في القوات المسلحة ارتفع شأنه أو صغر.
3-المظاهرات والاعتصامات تعطل عجلة الإنتاج.
من الخطأ اعتبار الإنسان مجرد ترس في عجلة الإنتاج. فعجلة الإنتاج بالأساس تدور من أجل الإنسان ومن أجل مصلحته. وبالتالى فحقوق هذا الإنسان ارتفع شأنه أو انخفض لها الأولية قبل سلامة عجلة الإنتاج. ومن ضمن حقوق الإنسان المعترف بها والمتفق عليها الحق في التظاهر السلمى، والإضراب عن العمل والاعتصام.
الأمر الثانى أن تعطل عجلة الإنتاج وتهتكها هو نتيجة سياسية خاطئة امتدت طوال أكثر من عشرين عاماً، رسخت لقيم وأخلاق العصابات في إدارة مؤسسات الدولة. ومطالبة العاملين في تلك المؤسسات سواء كان إعلامية أو صناعية برحيل القيادات الحالية وحل مجلس الإدارة هو تسريع وإصلاح لعجلة الإنتاج. ولذلك فالمطلوب من الحكومة والمجلس العسكري ليس إصدار قرارات وقوانين لتجريم الاعتصامات ولا محاصرة المتظاهرين والمعتصمين السلميين بالدبابات أو الاعتداء عليهم مثلما حدث في كلية الإعلام بجامعة القاهرة. بل إيقاف عمل هذه القيادات والتحقيق معها وفتح ملفاتها القديمة في أسرع وقت. حتى لا يطلع علينا أحدهم بتسجيل صوتى مثل تسجيل الرئيس السابق مبارك ويقول بالبلدى بعدما يكون قد رتب أوراقه وأحرق ملفاته السوداء “محدش له حاجة عندى،… فتشنى”.
4-الشعب غير واعى، ولازم نعمل توعية سياسية
من المؤسف أن نسمع هذه العبارة الأخيرة تتردد على ألسنة المعارضين والسياسيين كبار وصغار دون فحص أو طرح للنقاش وكأنها أمر بديهي. والعبارة في جوهرها تكرار لأكاذيب سابقة نشرها نظام مبارك كمبرر لبقائه في السلطة طوال 30 عاماً.
ولا أفهم بشكل شخصي ما هى التوعية السياسية بالضبط؟
الأمور تبدو واضحة جداً “دستور” يعنى عقد ينظم العلاقات بين المقيمين على قطعة أرض واحدة. والانتخابات هى حق اختيار من يدير شئون الحكومة. ما هو المعقد في هذا الأمر ولماذا يحتاج لتوعية؟
يقولون أن الكثير من الناس لا تعرف الفرق بين اليسار واليمين، وبين الليبرالية والاشتراكية. لكن ما الداعى لأن يعرف الناخب الفرق وأن يدخل في متاهات التصنيف السياسي، وهل هذه وظيفته أما وظيفة الأحزاب والحركات السياسية المطلوب منها بدل التوعية الدعائية السطحية أن تصنع استقطابات حقيقية على أساس برامجها الانتخابية المتصلة بواقع الناخبين لا بأوهام التنظير السياسي.
5-يجب أن نعمل على نشر ثقافة المجتمع المدنى
الثقافة والأفكار بشكل عام لا تهبط بالبراشوت من أعلى. وإذا سألنا أى مواطن هل أنت مع الطائفية؟ سوف يهز رأسه نافياً. أنا أحب أخى المسلم، وسيرد الآخر أوصانا القرآن الكريم خيراً بأهل الكتاب. لكن المشاعر والنوايا الحسنة والأفكار المثالية ليست حلاً للمشكلات الواقعية ولا يمكنها انتزاع الاحتقانات الطائفية الحقيقية داخل المجتمع المصري.
المجتمع المدنى ليس أغانى عن الوحدة الوطنية وعم أمين وعم مينا. ولا يمكن أن توجد ثقافة المجتمع المدنى دون وجود “مدنية”. لا يمكن أن نطلب من أهل الصعيد وحزام المناطق العشوائية المحيط بالقاهرة الإيمان بثقافة النخبة القاهرية دون أن توجد في هذه المناطق أى مظاهر من مظاهر الحياة المدنية بداية من المستشفيات، المسارح، قصور الثقافة، السينما. ودعم الثقافة المدنية ونشر الطائفية لا يكون فقط بحملات التوعية بل بتمكين سكان تلك المناطق من إدارة شئنهم والعمل على إحداث تنمية حقيقية في تلك المناطق يمكنها أن تغير تركيبة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية المسيطرة على تلك المناطق الجغرافية.