أزمة ثقافة

أحد مميزات هذه الحكومة الفاسدة أنه لا حرمة للمال العام لديها؛ فباعوا مطار الخرطوم، وأسطول السودان البحري، والسكة الحديدية، وتلفزيون السودان، ودمروا ما إستطاعوا تدميره.أزمة ثقافة

ويحكى أنهم حاولوا أن يقطعوا أشجار غابة الخرطوم، ويبيعوها كأراضي سكنية ويستثمروها كعادتهم لتدخل كروشهم، وتكون أرقامآ في دفاترهم لا نرى منها شيئا على الواقع، ولكن إشترتها منهم جهة دولية، حولتها الى محمية طبيعية، للحفاظ على طيور نادرة تتخذ هذه الغابة محطة في طريق هجرتها الطويل.

والآن ولأول مرة منذ بدأت ثورة السودان المباركة، قام ناشطون في الولايات المتحدة الأمريكية من الجنسية السودانية وجنسيات أخرى بإضراب عن الطعام، من أجل معتقلي وضحايا ثورتنا المجيدة من 21 الى 25 أكتوبر.

لماذا قد يهتم أحد بالطيور والحيوانات النادرة أو الحياة الطبيعية على هذا الكوكب ؟

لماذا يحرم أحد نفسه من الطعام من أجل شخص لا علاقة له به، على بعد ملايين الأميال ؟

لماذا يخاطر ويضحي شخص بنفسه، من أجل قضية لا تعني شخصه ؟

لأن من يفعل هذا قد عرف المعاني النبيلة التي تحتويها كلمة إنسان ، فكلنا بشر لكن قليل منا من إرتقى الى مرتبة الإنسانية.

أول خطوة قام بها هذا النظام الحقير، هو تدمير الإنسانية في السودان وتغيير معالم الإنسان السوداني.

إذ صور لنا بإعلامه الخبيث أن بعضا من أبناء وطننا وجلدتنا هم العدو الذي لا بد من محاربته وقتله بإسم الدين والقانون، وكلاهما بريء من هذه الأفعال.

والدمار الإقتصادي الذي إضطر الجميع أن يعمل لأكثر من دوام، وجعل أقصى أحلامنا إما الغربة أو الكفاف، جعل معظمنا لا يهتم لغيره، أو ما حوله بسبب إنشغاله بلقمة عيشه إلا من رحم ربي.

لهذا قد تجد الحراك في الخارج أقوى وأعلى صوتآ، وهذا الإضراب عن الطعام كان الأولى أن يحدث في السودان ومن كل سوداني يستطيع.

ولكن السبب أننا وللأسف فقدنا الإنسان السوداني …

وأول خطوة في تغيير السودان هو تغيير الإنسان السوداني وإعادته الى سابق عهده، ونشر الثقافة وزرع القيم النبيلة في المجتمع السوداني، لننقذ مجتمعنا، ونسقط النظام الذي لم يكتفي بتدمير مجتمعنا، بل صار ينشر سمومه ويزرع بذوره في الأجيال القادمة.

وسأناقش خطوات لفعل ذلك في مقالات قادمة، ففي كل حضارة الإنسان هو الغاية وهو البداية؛ والإنسان الحقيقي هو من إهتم بغيره قبل نفسه.

وهذه التدوينة هي وقفة إعجاب وإجلال، لكل إنسان وقف وناضل لأجل السودان.


نشر المدون السوداني ياسر ضحوي هذه التدوينة على مدونة “إضراب للسودان” في 22 أكتوبر، متحدثاً عن سبب تفاعل السودانيين بالخارج أكثر من أهل الداخل، مفسراً ذلك بارتفاع مستوى الثقافة والوعي بالخارج، وأيضاً بانشغال أهل الداخل في توفير تكاليف المعيشة.

 

للإطلاع على النص الأصلي للتدوينة وتعليقات القراء:

http://bit.ly/17GRtXW

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *