الجريمة التي لن يحاكم عليها مرسي والإخوان

«caught red-handed»، قبض عليهم بالجرم المشهود، وكنا كلنا شهود، لكنهم لن يحاكموا على جرائمهم الحقيقة التي يحاولون غسل أياديهم منها، مستخدمين ضعف ذاكرتنا.الجريمة التي لن يحاكم عليها مرسي والإخوان

الآن، وهم يقفون ليحاكمون على إراقة دماء الحسيني أبو ضيف، وأقرانه، على آلام 350 مصابا و52 ثائرا عذبوا بسادية من رفقاء الميدان، وسلموا للشرطة لتقدمهم للنيابة بتهمة التظاهر أمام الاتحادية، الآن يتذكرون الثورة والميدان!! وبلا حياء يريدون أن يغسلوا أياديهم بصراعهم مع حلفاء الأمس، ضد الثورة.

هناك، على باب قصر الاتحادية، وقف محمود مكي نائب الرئيس المعزول، محمد مرسي، يقول، تريدونها حربا إذا فالبقاء للأقوى، قالها وعلى باب القصر، وفي الخارج تقع المجزرة.

قالها مكي، القاضي الذي يعلم معناها، ويدرك جيدا كارثية إعلان مرسي الدستوري، مكي لن يحاكم هذه المرة، لأنه آثر الابتعاد والبقاء في الظلام، فلا داعي لعقابه.

الآن، يريدون أن يغسلوا أياديهم، يدعون أنهم كانوا الضحايا، ينسون ما كتبوه على صفحاتهم وشماتتهم في دماء من استشهد، ومن أصيب وعذب، ينسون كذبهم، وفريتهم بأن الشهداء كانوا منهم حتى الحسيني أبو ضيف!!

يلعبون على ذاكرتنا الضعيفة، ويستفيدون من الصراع مع الطرف الآخر في الثورة المضادة، ليغسلوا أياديهم من جرمهم المشهود، جريمتهم الكبرى التي يخافون أن تطاردهم في المستقبل، وهي خيانة الثورة، والمشاركة في إجهاضها، لكنها ستظل جريمتهم التي سيشنقون بحبالها في كتب التاريخ ووقائع الحاضر وفواصل المستقبل.

مرسي الذي يزعمون أنه أمر الحرس الجمهوري بعدم التعامل، وكذبه قادة الحرس والداخلية، لم يكلف نفسه بمعاتبة مكتب الإرشاد على إنزاله شباب الإخوان ليقفوا ويعتدوا على المعتصمين، وقف يشاهد من مكتبه ومنزله المجزرة، لساعات، كما فعل مبارك تماما في موقعة الجمل، إلا أن موقعة الجمل كانت بعيدة عن قصره.

كانوا يقولون وقتها نزلنا للتصدي لمخربين أرادوا اقتحام القصر، والآن يقولون إنهم نزلوا للتظاهر كما فعلت القوى المدنية الأخرى، الآن أصبحوا قوى مدنية وثوارا بعد أن كانوا بلطجية.

اليوم يقف مرسي أمام المحكمة بالزي نفسه الذي نزل به التحرير ليحصل على الشرعية ويقسم أمام الشعب، لكنه في المنتصف نسي أنه ضرب بالشرعية الثورية عرض الحائط وقال إنه يحكم بالشرعية الدستورية، الآن يعود للعب على الشرعية الثورية.

«يسقط يسقط حكم العسكر».. هكذا هتف مرسي وزملاء القفص، آه والله، هرمنا لأجل هذه اللحظة، كنا نهتف «يسقط يسقط حكم العسكر»، فيردون علينا «يا مشير يا مشير من النهاردة أنت الأمير»، كنا نقتل برصاص الداخلية في محمد محمود، فيخرج الكتاتني ليقول  «الداخلية ممعهاش خرطوش»، كنا وكانوا.. والآن يريدون أن يقنعونا أنهم كانوا معنا في نفس المعسكر، وكأننا نحن من نزل يحتفل بالثورة في عيدها الأول، لتخريب المظاهرات ضد مجلس طنطاوي.

مرسي الذي وقف في التحرير، ووعد بالقصاص للشهداء، وعد بتحقيق مطالب الثورة، واحتفلنا بفوزه رغم جراحنا النازفة، رغم بقايا دمائنا على أياديهم وألسنتهم، إلا أنه تلاعب بمطالبنا، فلا حرية كانت, ولا عدالة اجتماعية، ولا عيش, وبدلا من التطهير وجدناه يعمل على الإحلال واستبدال الحمام القديم بحمام جديد بذقن، ويستبدل كوتة الحزب الوطني بكوتة الإخوان، ويبقى على كوتة العسكر.

حتى نائبه العام الملاكي الذي جاء على دمائنا وبوعد تقديم أدلة جديدة، لإعادة محاكمة رموز مبارك، وجدناه يشارك في غسل يد مبارك ورجاله من دماء الشهداء، وصدمنا بمرسي يقول بالحرف: «ايه المشكلة لما نضحي بشوية علشان باقي الشعب يعيش»، وبالإخوان يسارعون لتبرير مهرجانات البراءة للجميع، ثم يأتون الآن ليتباكوا على دماء الشهداء ويتواعدون بالقصاص، فهل يعنون شهدائهم فقط، وهل قصاصهم هو الثأر القبلي؟

فلنعترف، أن المحاكمات ما هي إلا عقاب لمرسي والإخوان على محاولة خطف «الدولة» من الدولة العميقة، وأن جناحي الثورة المضادة يتصارعان على جثة العدالة بمسرحية العدالة، والحقيقة أن العدالة ستتحقق هذه المرة ليس للعدالة لكن للانتقام، وكم من مرة جاءت العدالة أسنة الانتقام، فالدولة العميقة تنتقم من خائن الثورة على محاولة خطف الدولة عبر الثورة، والقصاص لدماء الشهداء ستكون وسيلة عادلة لتحقيق الانتقام.

ويبقى الجرح في القلب، وستظل الدماء في أيادي الإخوان، وخيانة الثورة، هي الجرم المشهود الذي سنظل ما حيينا عليه شهود، الجرم الذي لن يحاكموا عليه ولن ننساه أو يغفره التاريخ.. ولا تزال الثورة مستمرة

أشرف جهاد مدون، وصحفي بجريدة البداية، كتب هذه التدوينة في مذكرة نوتعلى صفحته بموقع فيس بوك، يشرح فيها رؤيته لمحاكمة مرسي كعقاب له من الدولة العميقة، في صراع بين جناحي الثورة المضادة، بينما لن يحاكم أحد مرسي على جريمته الأهم، وهي خيانة الثورة.

للاطلاع على النص الأصلي وتعليقات القراء:

http://on.fb.me/1dBTY2d

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *