“أصدر النائب العام أمر ضبط وإحضار للناشط علاء عبدالفتاح” .. يتغير الرؤساء، ويتغير النواب العوام، ويبقى نفس الخبر حرفياً ثابتاً على عناوين الصحف.
في 2006 تم اعتقاله من مظاهرة للتضامن مع قضاة الاستقلال، وتم توجيه تهم قطع الطريق والتجمهر المعهودة، وأمضى شهراً ونصف في السجن .
قامت الثورة، التي قالت نوارة نجم يوم نجاحها انه “مافيش خوف تاني، مافيش ظلم تاني”، لكن عاد الخوف والظلم، وعاد علاء مرة أخرى إلى السجن، وفي هذه المرة كانت التهمة التحريض على احداث ماسبيرو، والتعدي على القوات المسلحة، وتم سجنه شهرين، وفي آخر عهد المجلس العسكري تم تحريك قضية أخرى ضده بدعوى حرق مقر شفيق.
أتى عهد أول رئيس مدني منتخب حاملاً وعوداً وردية أخرى، سرعان ما تحطمت مرة أخرى، وهكذا قام النائب العام الجديد الذي أسماه أهله وعشيرته “نائب عام الثورة” بإعادة فتح القضية التي حفظها سلفه عبدالمجيد محمود واتهام علاء بإحراق مقر شفيق .. والمفارقة أن يأتي ذلك مباشرة بعد خطاب مرسي “قلت سأفعلها، وها أنا أفعلها”
تم عزل مرسي مع زفة كبيرة تقول أن هذه ثورة 30 يونيو المجيدة المكملة لثورة 25 يناير، لإعادة الثورة ممن سرقها، وهنا كان الدور على سجن علاء مرة أخرى ليثبت أن ما حدث لم يزد عن لصوص سرقوا من لصوص.
لماذا علاء؟
لا يوجد خلفه تنظيم مهيب سيصيب البلد بالشلل للضغط من أجله، لن ينزل الملايين إلى الشوارع رافعين صوره، لا دول خارجية تصدر بيانات عنه.
لماذا علاء؟
لأن كل من يرغب في ألا يعلو صوت فوق صوت المعركة، سواء كانت معركته من أجل دولة سلطوية إسلامية أو وطنية، سيجد نفسه تلقائياً راغباً في أن يقمع علاء ورفاقه، أصحاب الأصوات العالية.
لماذا علاء؟
لأن علاء وأمثاله يكسرون دائماً الثنائية التي يريد الحاكم وجودها، في عهد مبارك كانت إما نحن وإما الإخوان، وفي عهد الإخوان كانت إما نحن وإما الفلول، وفي العهد الحالي عدنا لثنائية إما نحن وإما الإخوان.
لماذا علاء؟
لأن هذه الكتلة السائلة المسماة “ثوار” أو “نشطاء”، هذه الكتلة التي قد تختلف وتتشاجر فيما بينها، وينتمي أفرادها لعشرات الاحزاب والحركات المختلفة، أو لا ينتمون لأي شيء، هذه الكتلة الضعيفة جداً، والقوية جداً، والمزعجة جداً لأي نظام يبقى علاء أحد أهم رموزها، وبالتالي يجب كسرها بكسره.
لماذا علاء؟
لأن علاء أحد من بدأوا موجة التدوين في مصر، وأحد أقدم النشطاء السياسيين الذين تظهر أسماؤهم في الأخبار، وعلاء ابن أحمد سيف الإسلام مؤسس مركز هشام مبارك الذي كان صداعاً في رأس نظام مبارك، وابن الدكتورة ليلى سويف أحد مؤسسي حركة استقلال الجامعات.
علاء برمزية عائلته وتاريخه يصلح جداً لأن يكون دائماً “الرمز” الذي تتصارع عليه إرادتا الدولة والثوار، في المرة الأولى تصارعت إرادة نظام مبارك ضد إرادة المعارضة في نزاهة الانتخابات، وفي المرة الثانية تصارعت إرادة المجلس العسكري ضد رغبة الثوار في بلد يخلو من القمع، وعلى رأسه المحاكمات العسكرية، وفي المرة الثالثة حلت إرادة الإخوان لوراثة إمكانية القمع القديم للوصول “للتمكين” مكان من سبقوهم، واليوم للمرة الرابعة تتكرر القصة.
لماذا علاء؟
لأنه رمز لتيار يرفض الخضوع لأي سلطة، ويرفض الموائمات والصفقات، والتصنيفات والاستقطابات. علاء الذي هاجم الإخوان في عهدهم وبعده كثيراً، هو نفسه من أدان عنف السلطة ضدهم، وهو من قال أن رابعة أكبر مذبحة في تاريخنا، وهو من قال مبكراً جداً منذ أحداث الحرس الجمهوري “السيسي سفاح”، وحين هاجمه كثيرون منهم بعض رفاقه، كررها “بتغيظك السيسي سفاح؟ طيب السيسي سفاح، السيسي سفاح”
لماذا علاء؟
لأن أنظمة مبارك، والمجلس العسكري، ومرسي، والنظام الحالي، حاولوا جميعاً وراثة أداة القمع ممن سبقهم، كل منهم يحاول أن يستخدم الداخلية لصالحه، ويلوي عنق القانون لجانبه، وكلهم ورث عداوة علاء ومن يمثل رمزاً لهم.
لكنهم نسوا أنهم جميعاً ورثوا شيئاً أهم من بعضهم: الفشل!
يقول رفاق علاء “اللي ييجي على علاء ما يكسبش”