يؤلمني بشدة الاستدعاء المتكرر لغاندي في الحديث الدائر عن تجربة الراحل مانديلا, سواء من الناس الي بتصنع مقاربة بين تجربة التحرر الوطني الجنوب الأفريقية والهندية، وبتشبه الزعيمين ببعض على أساس إن الاتنين بتوع مقاومة سلمية\سلبية. (خطأ شائع أحيانا بيبقى غير مقصود, وأحيانا أخرى, كما هو الحال في خطاب الكثير من الساسة والكتاب في الغرب, بيبقى الخلط متعمد) أو حتى من الناس الي بتدفع التهمة دي عن مانديلا, مؤكدة أنه عمره ما إدعى أنه بتاع مقاومة سلمية ولا “أنه غاندي”.
الكلام دة صحيح طبعا, بس هو فيه تعاطي خاطئ مع تاريخ غاندي والمؤتمر الوطني الهندي. غاندي إيمانه بالمقاومة السلمية كان ديني في المقام الأول, وكان فارضه على إخواته الهنود لإيمانه بالسيطرة على النفس كجزء من خطوات عدة للتطهر من أجل الوصول إلى الحالة الروحية الي تجعل من الشعب الهندي شعب مستحق للتحرر ولمكانة أسمى بين دول الكومونويلث, بس هو كان فارضه على الهنود بس, وكان بيستخدمها ببراجماتية شديدة (يعرف عنه أنه تطوع كممرض في صف الإنجليز أثناء حرب البوير في جنوب إفريقيا, وأنه حاول تجنيد متطوعين هنود لمجهود الحرب البريطاني عام 1918–لأنه كان مؤمنا ومدافعا عن الراج وعن الديمقراطية البريطانية).
الأهم بقى إن غاندي كان الدافع الرئيسي عنده لنبذ العنف هو هاجس خروج الحراك الشعبي الواسع في الهند عن سيطرته وتحول الحركة الوطنية إلى الثورة (وكان يردد دائما أن الراج البريطاني أفضل وأسلم من الثورة الإجتماعية التي قد تمزق نسيج المجتمع الهندوسي)، وفي نفس الوقت كان بيحاول دايما يحتكر الضغط بالأساليب السلمية والتفاوض مع الإنجليز لنفسه.
على سبيل المثال سنة 1932 غاندي إستخدم أعلى درجات التصعيد في كتالوج المقاومة السلمية الخاص به ضد جزء من المجتمع الهندي (الصوم حتى الموت وهو في محبسه في بونيه – وده كان بيخوف الإنجليز جدا), من أجل إجبار الإنجليز على سحب التنازل الي قدموه لأمبيدكار زعيم المنبوذين (الداليت) في شكل تمثيل إنتخابي منفصل لهذه الطبقة المسحوقة في التراتبية الإجتماعية الهندية. غاندي كان مصر على الحفاظ على التراتبية دي.
أما مانديلا فكانت قضيته الرئيسية, على إختلاف تكتيكات المقاومة الي استخدما مسلحة وسلمية وعلى إختلاف تقلباته ومشاريعه السياسية, هي المساواة الإجتماعية.
بغض النظر عن إخفاقاته وإنجازاته (في تشابهات كبيرة بين الديقمراطيتين), إلا أنه في رأيي يستحق مرتبة أعلى بكثير من غاندي في تاريخ حركات التحرر.
كتب كريم مدحت عنارة، الباحث في قسم العدالة الجنائية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية هذه التدوينة في منشور “بوست” على صفحته بموقع فيس بوك في 8 ديسمبر بالتزامن مع وفاة الزعيم الأفريقي مانديلا. يعارض كريم الحديث عن تجربتي مانديلا وغاندي بمساواة كاملة بينهما، وينتقد تجربة غاندي التي أبقت على تراتبية المجتمع الطبقي، في مقابل تجربة مانديلا التي دعت للمساواة الكاملة.
للإطلاع على النص الأصلي وتعليقات القراء:
https://www.facebook.com/karim.ennarah/posts/10151951394085914
Simply want to say your article is as surprising. The clarity for your publish is just cool and that i could assume you’re knowledgeable on this subject. Well together with your permission allow me to grasp your feed to keep up to date with forthcoming post. Thank you a million and please keep up the enjoyable work.