العربة الطائشة .. في مديح العام الأول

عشرات النصائح المتشابهه ضممت  كف يدي عليها  وأنا أبدأ عامي الأول كزوجة، كانت كلها تدور حول ضرورة عدم الكتابة عن الحياة الزوجية.العربة الطائشة .. في مديح العام الأول

ربما لمعرفة أصدقائي أني احب زج تفاصيل الفتاة التي تشبهني في الكتابة، ربما لأن مدونتي تلعب بالأساس على كتابة الحياة العادية .. المدونة التي تماست نصوصها مع حياتي، فبدت الحكاية أشبه بطفلة أختارت أن تلون جدران البيت بالشخبطة قدر ما تسع طاقتها، لتتظاهر أمام العالم بإنشغالها عن كل ما يوجعها ويحزنها، اختارت أن تدون الواقع لتتفاهم معه وتعيد لقطاته الحلوة وتغربل الأشياء التي لا تعجبها، تخلق ما تحب أن تراه وتشعره .. تكتبه فيبقى، تتكأ على الحزن فيتفتت ويذوب، ولا يبقى عالقا في قلبها الذي لا يحتمل وطأته الثقيلة.

الكثير من المخاوف أن تتحول الكتابة عن حياتها الجديدة هاجسا لصفحتها البيضاء، تكرار التحذيرات من الجميع، مراقبة رجل تحبه لها عن كثب حتى لا تخرق اتفاقا ضمنيا بينهما بأن ما بينهما للحياة وليس للكتابة، كل ذلك شوش روحها وملئها بالتشتت.

كان عليها أن تمشي طريقا جديدا، وأن تتبع حدسها فقط وألا تتجادل على الورقة مع مشاعرها عنه، هي التي لا تفهم العالم إلا إذا كتبته، ولا تعرف أن تقول أحبك إلا في ورقة مطوية تحت وسادة أمها، أو مدسوسة وسط أوراق أبيها.

هي التي تكتب لتقول لأصدقائها كيف تراهم بكل هذا القدر من الجمال والنبل، لتقول لنفسها أن كل شئ سيصبح بخير.

صار عليها أن تعيش زواجها في صمت لأن هذا هو المتعارف عليه.

لكني الآن أرغب بشدة في الكتابة عن هذا الرجل، وهذا البيت، وهذه المرأة التي أدهشتني وأنا اقابلها طيلة هذا العام وأتساءل كيف كانت تعيش داخلي دون أن نلتقي

بعد أسابيع سيمر العام الأول على زواجي، ومنذ أيام مر عامين على مقابلتي الأولى بالرجل الذي جمعني به منديل من الساتان الأبيض منقوش عليه اسمينا بخيوط فضية، دس تحته يده وأبي ومأذون يرتدي بدلة ونضارة، ويحرص أن نلتقط صورة بالحبر لأيدينا ويقول بمرح ” دي صورة الفيسبوك بقى “.

ابتسمت لخاطر كتابتي عن العام الأول .. كنت أعرف أنها مجرد خدعة أقولها لنفسي حتى يبدو مبررا للكتابة.

أنا أكتب عن عام يشبه قيادة عربة بلا مكابح يجلس على طرف منها رجل معتد بذاته، برجولته وأنثاه وكتابته ومجد أبيه، وتربية أمه وطفولته الثرية بأفخاخ العصافير والقصب ولعب الكرة وأول دراجة تصل للحي الذي يسكنه، رجل بشباب مزدحم بالسفر ومحبة السينما وتدخين السجائر والضحكة الإستثنائية التي يملكها  والحكايات وقصص الحب والإحباطات وإنكسارات جعلته هشا وصلبا، قاسيا مثل قطعة فخار، وسهلا مثل نتفه سحاب.

وفتاة  بمزاج سئ تحب وحدتها وملتصقة بأشياءها مثل جنين في رحم أم في الشهر الثامن يعرف أن خروجه في ذلك الوقت يقلل من احتمالات نجاته، فتاة رتبت العالم الذي يخصها بشكل ظنت أنه نهائي وأبدي.

كلاهما يجلس في طرفه ويمسك تارة، ويحاول قيادة العربة في الطريق الذي تخيله او أختبره ويعرف أنه  صحيحا.

كنا نترنح في طريق ممتلئ بضباب يحجب الرؤيا، ونتبع قلوبنا تارة ومزاجنا تارة وعاداتنا المختلفة. حطمنا نصف محتويات البيت ونحن نحاول ان نجد طريقا للتفاهم، غضب كل منا من الآخر غضبا لم يجربه مع عدو إفتراضي لم يوجد قط .. كنا نصرخ في وجه بعضنا، يأذي كل منا الآخر ويغادر السيارة وبفطرة العودة للبيت .. للوطن الذي ننتمي له نعود يجلس كل منا في مكانه نتحسس التارة بهدوء ثم نستعد للمزيد من الحوادث والجنون .

ينتصر الحب دائما، تتسلل التفاهات وتتضخم لتصنع سدا من العتمة.

عام فرحنا فيه كثيرا، ضمننا أيدينا ومشينا في منتصف شارع صلاح سالم قرب العاشرة مساءا ونحن نغني بصوت عال مسحورين بجمال الليل وفرحة المحبة، قبلني في محطة الرمل بعد منتصف الليل بنصف ساعه احتفالا بمقال نشر له، أعد لي طعاما ودللني وأنا مريضة وأهذي من الحمي، وأبكي واكلم أشباح الموتى، ضمني بخوف ومحبة، منحنى احلاما تكفي لمئة عام .

أنا احببته قدر ما عرفت، على طريقتي التي لا يعرفها، كنا نتحدث لغتين مختلفتين، يحدث طوال الوقت سوء تفاهم حتى انهينا كل شئ في ليلة بدت كمشهد مبتذل ونهائي لقصة لا نكتبها، كانت قصتنا .

هكذا بدأت بصدفة جميلة وجائزة تقاسمناها سويا، ومقال محبة غمرني بالحب وانتهت بسوء تفاهم أزلي بدى بلا علاج.

الحياة تحولت لصناديق نجمع فيها كل ما بنيناه في عامين، تحولت كل أحلامنا وذكرياتنا لصناديق وموعد عند مأذون آخر، لا يرتدي نضارة ولا يعدنا بصورة فرح للفيس بوك، لأن الحزن لا يحب التصوير.

الخوف والفقد هو كل ما ملئنا، بدت خلافتنا سخيفة وطفولية أمام الغياب المفترض، بمعجزة محبة صغيرة، وسحر يمارسه رجل أحبه على قلبي بسهولة تحريك الملعقة الخشبية لصنع وصفات العشق، جلس كل منا في مكانه وأمسك بتارة العربة، وهو يعرف انه ربما نرتكب المزيد من الأخطاء وبعض الجنون، لكننا بتنا تقريبا نعرف طريقة القيادة، وتأكد كل منا أن ما تجمعه صدفة سعيدة، وكتابة حلوة، وبيت بكل هذا الدفء، والرغبة في المضي قدما لا يفرقه أحد .

نشرتالمدونةنهىمحمودهذهالتدوينةفي 15 نوفمبرعلىمدونتهاكراكيبنهىمحمودمتحدثةعنتجربتهافيالزواجبعدمرورعام. تتناولتحذيراتأصدقائهالهامنالكتابة،ثمتحكيتجربتهاالتيبدأتبدايةسعيدةثمأوشكتعلىالنهايةبالطلاق،قبلأنتجلسمعزوجهالحلخلافاتهما،مماأدىلعودةحياتهمالمسارهاالمتفائل.

لقراءةالنصالكاملوتعليقاتالقراء:

http://nohaworld.blogspot.com/2013/11/blog-post.html

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *