قبل ما نكمل.. أحب أقول لكم ملحوظة صغيرة : ما فيش حاجة اسمها “صدفة”..

كل حاجة مرت بيا في حياتي كانت مترتبة .. راجعوا الخطوات كلها وانتم تفهموا اللي اقصده..قبل ما نكمل.. أحب أقول لكم ملحوظة صغيرة : ما فيش حاجة اسمها "صدفة"..
لو ما كنتش اترفضت من الشغلانه الأولانية.. ما كنتش وصلت للي عاوزه بجد..!
و لو ما كنتش زورت عالم ديزني في حدوتة القنصلية.. ما كنتش عرفت هدفي..!
و لو ما كنتش محَسْوِكْ.. ماكنتش عديت علي بارت الا يوم الخميس.. يعني بعد ميعاد الانترڤيو..!
ما فيش حاجة اسمها صدفة.. انما لما الواحد يبقي الحلم صاحي في قلبه.. الكون كله بيتآمر عشان يحققه له.. زي ما هاتشوفوا دلوقتي..!

نرجع للحكاية بقي..
رجعت البيت وانا مقرر حاعمل ايه…
اولا.. قررت اني ما اروحش يوم التلات للمقابلة.. واروح يوم الاربع…!
و ده كان يسمح لي اني أحضَّر نفسي كويس.. صحيح اني كنت هاضيع الاسبقية.. انما قولت انه لو قدري كده.. يبقي خلاص.. انما لو روحت.. اروح جاهز ومستعد !
ثانيا.. المنظر العام مهم.. يعني الذوق في اللبس.. مقدم شغلي ازاي .. فاهم باقول ايه والا لأ… فقررت انقي احسن ما في سابقة اعمالي.. واحطه في برتفوليو واحد.. وفي آخره الشغل اللي كنت عملته مع ادارة المنتجات الاستهلاكية…

قضيت السهرة باحسوك في كل حاجة.. ولمعت الجزمة .. ونقيت الشراب بعناية.. ودخلت نمت بدري وظبطت المنبه علي الساعة ٤:٣٠ صباحا..

صحيت قبل المنبه طبعا.. نفس احساس التطلع للمغامرة.. بتاع يوم ما زوغت من المدرسة عشان اروح فيلم “كتاب الادغال”.. نفس المغص الخفيف .. نفس الترقب..!
لبست في هدوء من غير ما اصحي مراتي .. لاني ما كنتش قايل لها حاجة.. هي مش ناقصة احباط بعد المدة وخيبان الامل والمعاناة دي كلها…
انما سيبت لها رسالة صغيرة .. باقول اني رايح اقدم في شغل.. وربنا يسهل.. بس.
و اخدت حاجتي وخرجت من البيت وانا مستغرب الجو الصيفي الجميل.. واحنا كان لسه عندنا تلج متكوم في الشوارع الاسبوع اللي قبله..!
الساعة ٥:٣٠ كنت واقف علي محطة الباص اللي في آخر الشارع.. والساعة ٥:٤٠ جه الباص في ميعاده.. لسه فاكر الغنوة اللي كنت با دندنها وانا في طريقي لنيويورك.. علي قد الشوق اللي ف عيوني… “صابر وعمري.. ايامه تجري.. وناسي روحي… اللوم رضيته .. واللي جنيته.. سهدي وجروحي…!”
نزلت من الباص في موقف شارع ٤٢.. وركبت تاكسي ( عشان ما اوجعش دماغي.. واوصل مستريح ونشيط..) والساعة ٧:١٥ كنت في صالة الانتظار للإنترڤيو… فيها كراسي مرصوصة.. امامهم خشبة مرتفعة كانها مسرح صغير.. ويافطه صغيرة بتقول: “الدخول باولوية الحضور.. من فضلك خذ اقرب مكان من امام الصالة”…
ما كنتش اول واحد.. كان قصادي ٦ او ٧ انفار تانيين.. باين عليهم من منهاتن… وقعدت في الصف الامامي زيهم.. وعلي ما جت الساعة تسعة.. ميعاد البداية.. كانت الصلة اتملت.. حوالي ١٢٠ شخص!
و طلع علي الخشبة واحد من الناس بتوع ديزني.. وعمل وصلة stand-up comedy  صغيرة عشان يلطف الجو.. مضمونها اننا هاندخل الي المقابلات في مجموعات من خمس افراد… وكل الناس تنقل في الكراسي اللي فضيت..عشان نحافظ علي الدور …
و كنت في تاني مجموعة.. فدخلت الساعة ٩:٢٠ لصالة تانية.. فيها سيدة قاعدة علي مكتب وقصادها مجموعة كراسي تانية.. فقالت لنا اننا بالدور نسلمها السير الذاتية والكروت الشخصية ونستني لغاية ما يندهوا اسامينا…

و اتنده اسمي.. ومن الباب الخلفي للصالة شوفت واحدة ماسكة في ايدها السيرة الذاتية بتاعتي.. ايه الامورة دي : كانت نسخة طبق الاصل من الممثلة “ريني زيلويجار” (هم كلهم حلوين كدة..؟) وشاورتلي بإبتسامة علي مكتب صغير في قاعة تالتة.. وقعدت وقالت لي “إتفضل..!”
طبعا .. فوق اني كنت متحمس للعمل مع الناس دي.. وجود بنت حلوة ما يضرش خالص.. بيخللي الواحد يبقي مطقطق وظريف بشكل تلقائي.. ففرجتها علي شغلي.. وقولت لها اني مهتم بحاجات كتيرة .. منها العمارة والتصميم والرسم والمسرح والحرافيك.. وان ده كان دايما سبب اني ابقي باقدم في اي مكان وانا حاسس ان جزئ صغير مني هو اللي بيتعيّن.. انما ان ايماچينيرنج هي الشركة الوحيدة اللي ممكن تستفيد من كل جوانب اهتماماتي.. وقولت لها كمان اني اشتغلت شوية مع ادارة المنتجات الاستهلاكية بتاعتهم .. فلما لاقيتها باين عليها الاهتمام.. قررت استعمل الضربة القاضية.. وروحت فاتح اللوحة الكبيرة اللي شوفتوها من تلات ايام. اللي فيها مسيرة شخصيات ديزني …
“تيري” (و ده اسمها) كانت من نوع الستات اللي بشرتهم فاتحة قوي.. فلاقيت وشها بقي وردي وصدرت منها صرخة صغيرة .. غير الابتسامة الا ارادية اللي ظهرت علي وشها.. واخدت اللوحة وقالت لي وهي دخلة علي حجرة تانية : “خليك زي ما انت .. ثواني وارجع لك..!” وخرجت .. وسمعتها بتقول لزملائها : “اصطدت سمكة كبيرة..!” وسمعتهم كلهم ملمومين علي لوحتي وعمالين يتغزلوا فيها… فعرفت ان السنارة غمزت!!

رجعت “تيري” لي وقالت: “عاوزينك ترجع بكره.. بميعاد بقي.. عشان تقابل حد اعلي مني.. يناسبك الساعة كام ؟” فاتفقنا علي الساعة ٩:٣٠ ولميت حاجتي فقالت لي بابتسامة : “هات معاك كل الحاجات دي بكرة… بس ما تنساش انك اللقية بتاعتي..!”
و نزلت من الهوتيل.. ولاقيت طابور المتقدمين واصل للباب الخارجي .. ولافف حوالين المبني !
روحت وانا دماغي بتزن.. ومسكت نفسي قدام مراتي.. وقولت لها اني مضطر ارجع تاني بكره.. ولسه ما اعرفش حاجة.
و قديت باقي اليوم باعمل حاجات منزلية عادية جدا .. وبالعب مع شريف.. وما اليه..
و رجعت تاني يوم.. قبل ميعادي بشوية.. فلاقيت في الصالة ناس تانية.. مستنيين مواعيدهم هم كمان.. فقال لي واحد منهم : “انت المصري.. اللي عمل اللوحة بتاعة الشخصيات.. مش كده ؟” فقولت له :”ايوة” فرد بابتسامة : “اتطمن.. هاياخدوك.. أنا كنت في المقابلة امبارح.. ساعة ما كل الناس قامت تتفرج علي شغلك.. بصراحة.. انت عقدتهم..!”
و فعلا.. في المقابلة دي.. قابلت مديرة القسم الفني الإدارية.. وقالت لي : “تقدر تكلم مراتك علي موضوع الانتقال لكاليفورنيا… انت فنان موهوب.. واحنا يهمنا انك تكون عضو في الفريق..! انتظر مننا اتصال..لانك لسه قدامك مجموعة لقاءات مع ناس متخصصة بقي.. في لوس انجلوس..”

و بعدها بشهر ونص (طبعا كان هايطق لي عرق) وصلت لي تذاكر سفر لكاليفورنيا علي الساحل الغربي.. وروحت وأخدت العربية اللي أجروها لي، وسوقت لغاية مبني ايماچينيرنج.. وعملت خمس انترڤيوهات مع ناس مصممين هناك، و كل واحد يعصرني في اتجاه عشان يعرفوا أنا بافكر ازاي، وباحل مشاكل إزاي، ومدي ثقافتي قد إيه، ومعلوماتي عاملة إزاي.. وآخر لقاء كان مع “تيري” فسألتني : “عاوز تاخد كام ؟” فقولت لها إني عاوز اشتغل معاكم، واني مش طامع الا في اللي يسمح لي اعيش زي ما كنت عايش في مصر.. يعني حوالي خمسين الف في السنة .. واني عارف اني مع الوقت ولما تشوفوا امكانياتي، حاخد مكاني اللي استحقه في الهرم الهيراركي، فابتسمت وقالت: “ده رد ديبلوماسي جدا.. جميل!”

فقلت لها إني تعبت من الانتظار، وعاوز اعرف امتي هاتقرروا، فردت إن يوم الاتنين عندنا اجتماع للقرار النهائي.. فقلت لها: “طيب ارجوكي تكلميني فورا بعد الاجتماع!” فوعدتني، وسافرت نيوچيرسي تاني يوم الصبح، يوم الجمعة.

و يوم الاتنين كنت حاموت من القلق، والساعه بقت ٨ بالليل، ومافيش حاجة..
و افتكرت ان فيه فرق توقيت بين الساحل الشرقي والغربي ٣ ساعات.. ورن التليفون الساعة ٨:١٥ مساء، وكانت “تيري”..

“آلو.. هاني؟.. مبروك.. انت اتعينت في والت ديزني إيماچينيرنج ..!”

 نشر الفنان الكبير هاني المصري على صفحته بموقع فيس بوك، حلقات من سيرته الذاتية التي سينشرها مستقبلاً في كتاب. في هذه الحلقات الثلاث يحكي هاني عن قصة إلتحاقه بشركة ديزني.

للإطلاع على النص الكامل وتعليقات القراء:

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10151801103880966&set=a.498631240965.270508.585715965&type=1

https://www.facebook.com/hani.el.masri.51/posts/10151804834415966

https://www.facebook.com/hani.el.masri.51/posts/10151805329610966

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *