ربما سيتوقف التاريخ أمام قرار عبد الفتاح السيسى الصادر فى يوم 21 سبتمير 2014 والقاضى بتعديل المادة 78 من قانون العقوبات والتى اصبح بموجبها اى شخص يحصل او يسعى او يتوسط فى الحصول على اموال سائلة أو “أشياء اخرى”، بقصد الإخلال بالسلم العام سواء من دولة اجنبية او منظمة محلية أو اى جهة اخرى لاتتبع دولة اجنبية، يعاقب بالسجن المؤبد وغرامة لاتقل عن نصف مليون جنيه ويعاقب بنفس الشيئ كل من اعطى او عرض او وعد بشيئ مما ذكر ويعدم المتهم فى حالة الحرب .
طالما كان الامر تقديرى ويخضع لما هو غير معرف قانونا خاصة ان معنى السلم العام والمصلحة القومية لايزالا سرا او وحى لا ينزل الا على من يحكم قبضته على مصر، نصبح اذن امام لحظة تاريخية قرر فيها رئيس الجمهورية ان يسن بنفسه تشريعا يضع تحت طائلته نظريا كل من يراه هو مخلا بالسلم العام او مضرا بالمصالح القومية، حاكم البلاد قرر انه ” نظريا ” يستطيع حبس اى انسان فى مصر بالمؤبد وغرامة نصف مليون جنيه ذلك لو حصل على اموال او على “اشياء اخرى ” من ايا من كان محليا ام اجنبيا فردا ام اعتباريا.
حين اصدر محمد مرسى اعلانا دستوريا يجمع فيه كل السلطات فى يده , وكان هذا القرار بداية نهاية حكمه، كنا وقتها نجد فى قراره تهديدا لمستقبل دولة مؤسسات وتسفيها لسلطاتها المختلفه وبالتالى تفكيكا للمجتمع ودفعه للإقتتال الأهلى، كم نحن بعيدين الان عن تلك اللحظة المتقدمة قياسا لحاضرنا، فنحن الان امام تهديد نظرى لكل فرد بالسجن المؤبد اذا حصل على تمويل داخلى او خارجى اوحصل على ” اشياء اخرى ” يتراءى لمن يحكم انها تهدد السلم العام او المصلحة القومية .. ببساطة هذا اعلانا رسميا للظلم والجبروت والإرهاب من أوسع ابوابه واحتمالاته، اى قريحة كسولة تلك التى لا تكترث حتى بتحديد ماهية الأمرالذى سيتم التنكيل بالبشر بناءا عليه ،لم يخطر ببال اعتى الظالمين من قبل ان يحاكم بشر بتهمة الحصول على ” اشياء اخرى “، لم اسمع بهذا المستوى من الاستهتار بالمصائر فربما كان الإعلان الرسمى والسياسى عن نية الإنتقام خارج القانون من فئات بعينها اكثر منطقية وشجاعة ورجولة من ادانتهم بتهمة الحصول على “الأشياء الأخرى ” .
نص القرار موجود سيقرأه البعض ويقول اننى اجتزئ النص وهو بالأساس موجه ضد الإرهاب، ناسين ان الإرهاب يقصف جويا بالفعل بالطائرات الأباتشى فى سيناء من قبل هذا الفرمان، سيقول البعض الأخر انه تمكينا للقضاء ناسين ان هذا القضاء الهائج حكم ذات نهار على مئات البشر جماعة بالإعدام فى جريمة قتل لفردين، ربما سيتحدث بعد القانونيين عن عدم دستورية نص كهذا وعدم صموده مستقبلا وأقول لهم صارحوا انفسكم لساعة تحلوا بالشجاعة وحرروا وجدانكم من اسر قدسية نصوص تعلمون علم اليقين انها مدهوسة تحت النعال فليس للأمر علاقة بنص بقدر ما هو انعكاس لإرادة سياسية بلغت من العتو إعتبار ” الأشياء الأخرى ” جريمة . هذا الفرمان ليس لمواجهة الإرهاب ولا لتمكين القضاء ولا لمحاصرة الأموال، هذا النص اعلانا للطغيان الكامل المختال بنفسه ولكن فى اكسل صوره واجهلها .
المدون والناشط السياسي محمد نعيم، يكتب في 24 سبتمبر بموقع فيس بوك مهاجماً التعديلات المطاطة لقانون العقوبات، والتي تسمح باستخدامه من السلطة لقمع معارضيها، ويحلل دلالات هذا السلوك.
للإطلاع على النص الأصلي: