تتزايد مؤخراً دعاوى التحالف من أجل جبهة مدنية في مواجهة جبهة ما اصطلح عليه بالإسلاميين. هذا التحالف الذي يدمج اليسار بدرجاته المختلفة مع الليبرالية اليمينية يراه وائل خليل تكرار لأخطاء التسعينات.
في هذه التدوينة يتحدث وائل خليل في مدونة “وايلك” عن خطورة هذا الاندماج، واختزال الثورة في المطالبة بالحقوق السياسية دون التركيز على المطالب والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
مدونة WaELK
في اعقاب التصويت على الاستفتاء وجدنا العديد من اليساريين من يدفعون باتجاه استقطاب حول الموقف من الاسلاميين وليس حول الموقف من مطالب العدالة الاجتماعية ومطالب الكادحين وهم بذلك يضرون بالثورة ويضرون انفسهم كفصيل منحاز لمصالح الكادحين.
وللأسف نجد البعض يبرز الثورة الايرانية دون النظر في احداثها وتفاصيلها كدليل عام على انقلاب الاسلاميين هناك على حلفاءهم في الثورة هادفا للتدليل على ضررهم دائما وابدا وداعيا لإقصائهم في اسوأ الاحوال او للتكاتف ضدهم مع اية قوى اخرى في افضلها.
ويدعو بعض هؤلاء للتحالف مع القوى الليبرالية في مواجهة خطر مزعوم للإسلاميين وهذا في رأيي سيساهم في اعطاء هؤلاء الفرصة للاستفراد بالجماهير الكادحة التي ستجد النخب تشتبك في معركة وهمية حول الدولة الدينية أو الثيوقراطية كما يسميها البعض امعانا في السفسطة دون ان يهتم احد بشرح كيف سينعكس هذا على حياة تلك الجماهير
إن اخطر ما يمكن ان يقع فيه اليسار الآن هو الاندفاع للتحالف على اسس ليبرالية مدنية وليس على اسس اقتصادية اجتماعية
ويجب أن نكون واضحين كيسار في ردنا على الليبراليين الذين يريدون ان يقفوا بالثورة عند الحقوق الديمقراطية فحسب. علينا ان نقول ان الشعب المصري ثار من اجل الخبز والحرية والكرامة الانسانية لكل المصريين وان اليسار يعني بالتعريف الانحياز غير المتردد لجماهير الكادحين والنضال بدون توقف من اجل اعادة توزيع الثروة ورد الحقوق لأصحابها بعد سنوات من سياسات الليبرالية الجديدة لنظام مبارك (ال معاهوش مايلزموش) يزداد فيه الأغنياء غنى والفقراء فقرا
واقتبس من الزميل وائل جمال:
“بالنسبة للمواطن الثائر، عماد التغير الهائل الذى شهدته بلادنا وهز العالم بأسره، الثورة هى أن يتحسن دخله، وأن يحصل على خدمات عامة كفئة دون تمييز بينه وبين الغنى، وأن تنحاز القوانين والعملية الاقتصادية لمصلحته ومصلحة أبنائه، فتعطيه الوظيفة اللائقة والأجر الكريم المنصف والنصيب العادل من ثروات البلاد.”
الاستقطاب القادم ليس بين مدنية ودينية – الاستقطاب بين من يريدون وقف الثورة فورا ومن يريدون استمرارها حتى تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة للجميع
الامر ذاته ينطبق على الانتخابات القادمة. فعلى اليسار في الانتخابات يجب ان يكون مع من يدافع عن اهداف الثورة- حرية وعدالة اجتماعية – مع من سيناضل من اجل تحسين حياة ملايين الكادحين.
وعلينا نقل الصراع مع الاسلاميين او الليبراليين او غيرهم الى ساحة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والدفاع عن ليس فقط مدنية الدولة بل طبيعة الدولة وانحيازها لجماهير الكادحين
وعلينا ألا نقع فريسة الشك في قدرة الشعب واستعداده لاختيار من يعبر من آماله وطموحاته لا من يلوح براية الدين أو بسلطة المال. فبعض النخب تخترع الاساطير حول الشعب وتصدقها وتغرق في بحور التشاؤم وصدق من قال ان التفاؤل فعل ثوري
الشعب صنع الثورة ويستحق بعض الثقة
مداخلة للصديق عاطف الشحات في حديث بريدي اجدها مناسبة هنا:
هل يعني الحديث الدائر بين اليساريين حول الاسلاميين والطائفية معناه ان نختصر اهداف الحزب في اللحظة الراهنة لموضوع الدولة المدنية والطائفية والرد على الاسلاميين؟
سمعت البعض يقول الأن ان احد المهام الوطنية العاجلة هي مسألة تشكيل تحالف وجبهة وطنية لكل انصار الدولة المدنية ضد الاسلاميين وفي الحقيقة انا ارى ان هذا الأمر مختزل ان لم يكن خاطئ
أولاً: انا اعتقد ان موضوع الدولة المدنية يجب ان يكون على اجندتنا لكن على ألا نتنازل ابداً عن مبدئيتنا اليسارية موضوع المطالب الاقتصادية والاجتماعية هو الجوهر الحقيقي لاستمرار الثورة العمال الذين حسموا الثورة يهاجمهم النظام الأن بقانون منع الاحتجاجات تارة وبفزاعة الاستقرار تارة اخري. كما اننا اذا اختزلنا دورنا في موضوع الدولة المدنية فبهذا لا نختلف عن اي مجموعة او حزب ليبرالي
ثانياً: اري ان اية تحالفات وتنسيقات في الوقت القادم يجب ان تكون مع المجموعات والاحزاب اليسارية فتحليلنا للطائفية لا ينفصل عن مشكلة الفقر وهنا انا لا اقول ان تحليلنا يعتمد على التحليل الاقتصادوي والطبقي فقط ولكن اقول ان مشاكل التخلف والطائفية ترتبط بالفقر ولا ينفصل ايهما عن الأخر
ثالثاً: مواجهة السلفيين والاسلاميين ستكون أكثر جوهرية عندما نقدم خطاب حقيقي يلمس مشاكل الفقراء ومطالب العمال بعض هؤلاء ربما ينجرف للدين فقط عندما لا يرى احزاب ومجموعات تقدم له كلام ملموس عن مشاكلة
رابعاً: لا نريد ان نكرر اخطاء يسار التسعينات عندما اختصر المعركة في الكلام عن الاسلاميين بالطبع هذا يدعونا للحديث عن ما يعرف بالثورة المضادة بالطبع هناك كثيرين يستخدمون المصطلح بمعان مختلفة لكن ما ادركه ويتفق في معي اي يساري منصف ان رجال الأعمال هم احد اطراف مسألة وقف تجذير الثورة هم يدركون ان استمرار الثورة مرهون باستمرار احتجاجات العمال والفقراء.
التعليقات:
Anonymous on Thu, 03/31/2011 – 03:03.
مقاله رائعه فعلا .. و مقنعه لاقصى درجه .. رغم اني مع الراي الاخر الذي يقول في اندماج اليسار مع القوى اليبراليه في المجتمع و محاولة تكوين فكر ليبرالي يساري جديد .. يقوم على اندماج مفهوم الديموقراطيه في مفهوم العدالة الاجتماعيه
Anonymous on Thu, 03/31/2011 – 19:23.
نوارة أعزها الله انتقدت البسطويسى و بشدة و انتقدت معه الطبقة المتوسطة المصرية. شئ جميل. لكن كم يسارى يفكر بهذه الطريقة؟ و أين هم إعلاميا؟ و كم منهم “محافظ” إجتماعيا و متدين بما يكفى لألا يكون رد فعل الكثيرين سلبى تجاهه؟ خاصة الطبقة المتوسطة التى لا يمكن أن نتقدم بدون أن يتغير أسلوبها فى التفكير و لا يسعنا أن نقول لها فى داهية.
الوضع اليسارى معضل جدا .
طبعا أنا أراقب عن بعد لظروف عملى بالخارج و لكنى قلق جدا. طبعا الموجودون بالقرب من الأحداث أعرف بالأمور و أهل مكة أدرى بشعابها. لكن دعنى أذكر: الثورة البورجوازية دائما ما تنتهى بنابليون. مهمة اليسار الأساسية ليست العالمانية و لا الحريات و لكن نقل الحوار للإتجاه السليم. و إلا فنابليون قادم و بعد نابليون الأول نابليون الثالث.
مش ناقصين نكسات.
كيف نبقى على إتصال؟
لقراءة التدوينة كاملة والتعليق عليها يمكن زيارة الرابط التالي: http://waelk.net/node/46