بعيدا عن الهري..6 أسئلة عن إعلان الإخوان «منظمة إرهابية»

قبل أن تقرأ يا عم الحاجبعيدا عن الهري..6 أسئلة عن إعلان الإخوان «منظمة إرهابية»

لو كنت ممن يصرون على العبط، بأن الإخوان «جماعة ربانية» و«مرسي رئيسي» و«مظاهراتنا سلمية» و«الداخلية هي اللي فجرت»، أو أنك من الدراويش الجدد الذين يلعقون بيادة الفريق أول، فمن فضلك وسع مكان لأخوك المواطن، أو تعالى نشتم بعض في حتة ناشفة.

**

قرار مجلس الوزراء بإعلان الإخوان جماعة إرهابية، الذي صدر أمس، وتصدر صحف اليوم، وسيظل الحدث الأكبر منذ حكم حظر الجماعة وفض اعتصام رابعة، يتركز بكل أسف على مواد في قانون العقوبات المصري، هي المادة 86 (و86 مكرر أ – ب – ج) وكذلك المواد الواردة في القانون حتى المادة 91 من القانون المذكور.

السؤال الأول: هل من حق الدولة (قانونا) إصدار قرار إداري من مجلس الوزراء (وليس قرار بقانون من الرئاسة)، بتحديد تنظيم معين باعتباره تنظيماً إرهابيا؟

الإجابة قطعا هي «نعم»، ودول العالم تفعل ذات الأمر أيضا، أي أن الحكومات تصدر قرارا إداريا لإضافة أسم شخص أو مؤسسة أو تنظيم على لوائح الإرهاب، وقرار آخر لحذف الاسم، هناك بالتأكيد استثناءات في وانجلترا وألمانيا والدول الاسكندنافية جميعها.. لكن المعمول به في الغالبية من دول العالم (بعضها دول ديمقراطية والأخرى ديكتاتورية)، هو إصدار قرار إداري، وعلى المتظلم اللجوء للقضاء.

اللافت هنا أن الدولة لم تدرج تنظيمات مثل الجماعة الإسلامية (تم تهريب قياداتها وآخرهم رفاعي سرور) والجهاد وكذلك التنظيمات الجديدة مثل أنصار بيت المقدس، على قوائم التنظيمات الإرهابية، بل إنه لا أحد يعرف إذا كانت لدى مصر لائحة للمنظمات الإرهابية أم لا حتى الآن

السؤال الثاني: هل يمكن الرجوع عن هذا القرار؟

بالتأكيد يمكن الرجوع عنه كأي قرار إداري، لكن العودة عن هذا القرار – للأسف- تتطلب تضحية هائلة، فهناك زخم شعبي مفزع يرى الإخوان شياطين الإنس وعملاء الجن كمان.

هناك طريق آخر للعود عن طريق القضاء الإداري، بالطعن على القرار المذكور، المشكلة هنا، أن الطاعن لابد له من صفة، والصفة هنا (بتقديري وأنا مش بتاع قانون)، أن يكون متضرراً من القرار، ولأن أثبات انتماء شخص للجماعة (حتى قبل تسميتها تنظيما إرهابيا)، يعد مخالفاً لحكم الإدارية العليا بحظر الجماعة والجمعية وكل ما يتصل بها، فإن إثبات صفة الطاعن محل تأويل في تقديري.

السؤال الثالث: هل وصف الإخوان بالتنظيم الإرهابي يرتب (قانونا) عقوبات؟

الإجابة للأسف «نعم» كبيرة ومفزعة، فقانون العقوبات الصادر للمرة الأولى في 1914، وتعديلاته في 1926 وحتى آخر تعديلات في 2009، تركه كل من تولى السلطة كما هو، حتى «الدرويش مرسي»، كان يستخدم ذات القانون لمعاقبة معارضيه، واعتبر أن وجوده على الكرسي «حصانة» لأنصاره من استخدام ذات القانون ضدهم.

القانون ينص في أكثر من 11 مادة على عقوبات مفزعة، فمثلاً LIKE فيس بوك على صفحات الجماعة، يمكن أن يعد نظرياً جريمة عقوبتها تصل إلى السجن 5 سنوات، فالفقرة الثالثة من المادة 86 مكرر من قانون العقوبات تنص على أنه:«ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها بالفقرة السابقة (5 سنوات سجن كحد أقصى)، كل من روج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى للأغراض المذكورة، وكذلك كل من حاز بالذات أو بالوساطة أي أحراز أو محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أيا كان نوعا تتضمن «ترويجا» مثلا SHRE ) ) أو تحبيذا (LIKE ) لشيء مما تقدم إذا كانت معدة للتوزيع أو إطلاع الغير عليها.

أما العقوبات الأخرى التي تصل إلى «الإعدام» فتنص عليها الفقرات 1 و3 و2 من المواد 86 مكرر ب وج ود من ذات القانون، فضلا عن العقوبات الأخرى التي تتراوح ما بين السجن المؤبد والسجن ثلاث سنوات في المواد حتى 91 من قانون العقوبات المصري.

 

السؤال الرابع: هل هناك وسيلة للإفلات من العقوبات الضخمة الواردة بالقانون المتروك في عهدي مرسي ومبارك؟

الإجابة نعم، فالقانون لا يسري بأثر رجعي إلا لمصلحة المتهم، ويمكن الطعن على كافة الأحكام التي تصدر وفق قرار الحظر، باعتبار ان إثبات العضوية في تنظيم إرهابي وترتيب عقوبات عليه أمر غاية في الصعوبة لسرية هذه التنظيمات أصلاً.

فضلا عن ذلك، فحتى بفرض «ثبوت التهمة»، بالاعتراف أو كتابة محررات أو وجود «أدلة ظرفية» أو تواتر الشهود، فيمكن إعلان الاستقالة من التنظيم ولو شفاهة ولكن بطريق العلانية لتجنب العقوبة.

السؤال الخامس: هل تستطيع الحكومة تطبيق هذا القرار؟

بتقديري أن الحكومة لا تستطيع حتى الآن تطبيق هذا القرار.. وكلمة «حتى الآن» هنا هي الأكثر أهمية، فمثلا استطاع عبد الناصر أن يخصي الجماعة تماما خلال 18 عاما، لكن ليس بالاعتقالات فقط، لكن أيضا بحرق الجماعة بخدمات اجتماعية واسعة تمس المواطنين، وتقديم نموذج حكم متقشف في قمته، ولديه مشروع وطني جامع، وهو ما لن تفلح السلطة بوجهها الحالية في تقديمه.

غير ذلك، فإن إخوان 1954 يختلون كليا وجزئيا عن 2013، فبعد انتشار هذه الجماعة في المجتمع، أصبح عددها وفق تقديرات يترواح ما بين 250 إلى 800 ألف شخص، وهم عدد شديد الضخامة تعجز أي دولة عن اعتقاله جميعا. حتى لو كان العدد يمثل نسبة لا تزيد عن 1% من السكان، فإجرائيا، تتسع السجون المصرية لأعداد لا تتجاوز 120 إلى 130 ألف سجين، يشملون الجنائيين والسياسيين ومؤسسات الأحداث كاملة، ورغم ضخامة العدد، إلا أنه يظل أقل من استيعاب الدولة لهذا التنظيم عبر السجون وحدها.

غير ذلك، هناك مشكلة حقيقية في قدرة الدولة على تنقية جهازها الإداري نفسه من الإخوان، فمثلا وزارة الداخلية رغم توحشها الشديد، لا تزال مخترقة بكوادر ترسل معلومات حساسة لخارج الوزارة ولدينا في اغتيال مبروك وتفجير مبنى المخابرات بالإسماعيلية، ومديرية أمن الدقهلية خير دليل.

 

السؤال السادس: إذا كانت الدولة غير قادرة على تنفيذ قرارها بشكل صارم فلماذا أصدرته أصلا؟

للأسف فإننا ومنذ عام 2005 نعيش في ظل «الدولة العبيطة»، مثلا ماذا كان يضير مبارك استغل التعاطف الواسع بعد خطابه الأول، ولم ينفذ موقعة الجمل؟ .. بلاش مبارك يمكن راجل كبير وعبيط.. إذن ماهي مصلحة المجلس العسكري في إطلاق يد الإخوان والسلفيين وخوض معارك لأسبوع متصل مع الثوار في محمد محمود؟ وما مصلحة «الدولة العميقة» في فشخ الأقباط (خطف – حرق كنائس – تدمير مباني – دهس بالمدرعات في ماسبيرو؟).. وما هي مصلحة مرسي في تقريب إرهابيين أياديهم ملوثة بالدماء، مثل الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد أو شيوخ أمن دولة، إذن نحن أمام دولة عبيطة بكل المقاييس.

وبغض النظر عن هذه «الدولة العبيطة»، فإن هناك – بكل أسف- مكسب جماهيري هائل، حصلت عليه الحكومة بعد القرار، وهو للأسف أيضا، استجابة لشارع كره الإخوان وأفعالهم الدامية وقرراتهم الغبية وأصبح يدير المسألة بالاستجابة لشيطان مقابل عدم اختفاء هؤلاء.

**

عزيزي الملتاع، عليك أن تلقي نظرة هادئة على قانون عقوبات مصر، لتدرك أن موضوع إرهابي ولا مش إرهابي، نقطة في بحر السجن الذي نحيا فيه منذ 7000 سنة، ولتعرف مثلك مثل الجماعة المتخلفة، أن «الفشخرة بالعنف» والتشفي في الضحايا يعني أنك أحرقت كل مراكبك في هذا المجتمع، وعليك أن ترحل أو تموت حسيراً.

 

نشر المدون أحمد محجوب هذه التدوينة في مذكرة “نوت” في 26 ديسمبر في على صفحته بموقع فيس بوك، ليطرح أسئلة سياسية واجتماعية وقانونية حول نتائج قرار إعلان الإخوان جماعة إرهابية.

 

للإطلاع على النص الكامل وتعليقات القراء:

http://on.fb.me/1e2hkvt

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *